الأربعاء، 19 يونيو 2019

( الفُرقاء )

مقامة


بسم الله الرحمن الرحيم

.. مقامة ..

( الفُرقاء )


بلغني أيها القارئ السعيد ، ذو العمر المديد ، أنه كان يا ما كان ، في حديث الأزمان ، بلدٌ كبير ، ناسُه كثير ، ضجّوا بالحال ، فقالوا : لنُغيّرَنّ المَآل ، فقاموا في فورَة ، تحسبُها للأسُود سَورَة ، فلما قرّ القرار ، قالوا : لنُحدِّدَن المسَار ، فاتفقوا بالإجماع ، على انتخاب مِن يُسمع له و يُطاع ، فلما جاء الخبَر ، نكَرَه من نكَر ، قالوا : ما نحن بمُسَلِّمين ، أيحكُمنا مسكين ؟! فظلَّ من الدهر شهور ، و الأرضُ من تحتِه تمور ، حتى انفجر بُركان ، و كان للحِمَمِ جرَيَان ،  فلبِث في السجن بضعَ سنين ، بين آلامٍ و أنين ، حتى جاءَهُ الإفراج ، من خالِق الأبراج ، فقام الفريقان يختصمون ، من يقول له الجِنان و من يصرخ : كفاكم جُنون ! ، فما يزالون في جدال ، حتى يفرق بينهم المُتَعَال ، في يوم الفصْل ، يوم الجدِّ لا الهزل ، فإن كنتَ صاغٍ فإنّهُم صَاغُون ، و ارتقِبْ إنَّهُم مرتَقِبُون .