الجمعة، 6 سبتمبر 2019

( الحنطة السوداء )

قصة أطفال

                                    قصة للطفل

                                     قصة أطفال

                                    قصة للطفل



بسم الله الرحمن الرحيم

( الحنطة السوداء )


قصة أطفال لـ هانس كريستيان أندرسن 


مرارًا وعندما يمر المرء بحقول حبوب الحنطة السوداء ، بعد جوٍّ عاصف يرى أنها صارت سوداء يابسة و كأن لهب النار قد مشى فوقها ، حينها يقول الفلاح : هذا كان بسبب نار البرق ..
 ولكن لماذا صارت الحبوب هكذا !

سأخبركم بما أخبرني العصفور به ، والذي سمعه من شجرة صفصاف هَرِمَة ، كانت في حقل الحنطة السوداء وماتزال ، إنها شجرة صفصاف كبيرة موقّرة ، ولكن التجاعيد تملؤها وهي عجوز ، وقد انشقّ جذعها في منتصفه تمامًا ، ونما في الشق العشب والعليق ، كانت أغصانها تتفرع من الأعلى ، وتتدلى إلى الأرض ، وكأن للشجرة شعرًا طويلاً أخضر اللون .

في كل الحقول المجاورة نمت الحبوب كالزوان والشعير والشوفان ، الشوفان كان جميلاً ، بل يبدو عندما ينضج تمامًا مثل جمعٍ من طيور كناري صُفر على غصن ، كانت الحبوب مباركة ، وكلما ثقلت حباتها ازدادت انحناءً وتواضعاً .


كان هناك أيضاً حقل حنطةٍ سوداء ، وهذا الحقل كان قريباً من شجرة الصفصاف ، الحنطة السوداء لم تنحن إطلاقاً ، كما انحنت الحبوب الأخرى ، بل اشرأبّت رؤوسها مغرورةً منتصبة !

ـ أو لستُ غنيّةً مثل سنبلة ؟! قالت الحنطة السوداء ..
ـ بل وفوق ذلك فأنا أجمل بكثير ، أزهاري الجميلة مثل زهور شجرة تفاح ، إنها لمتعةٌ النظر إليّ و إليها ، هل رأيتِ من هم أجمل منا يا شجرة الصفصاف؟

و هزت شجرة الصفصاف رأسها ، تريد بذلك قول : أجل ، رأيت في الحقيقة من هم أجمل ، ولكن الحنطة نفخت رأسها تعاليًا ليس إلا ، وقالت :

ـ أيتها الشجرة الحمقاء ، أنت عجوز خرِفة تنمو الحشائش في بطنك .

وانقلب الجو فجأة عاصفًا ، فأطبقت كل زهور الحقول أوراقها ، وأحنت رؤوسها الرقيقة عندما هبّت العاصفة ، بينما بقيت الحنطةالسوداء مشرئبّة العنق زهواً ..

= احنِ رأسك مثلنا ! قالت الزهور ..
ـ لست بحاجة إلى ذلك !
^ احنِ رأسك مثلنا ! صاحت الحبوب ..
 سيأتي ملاك الريح طائرًا ، لديه أجنحة تمتد من أعلى الغيم حتى الأرض ، سيقطع رأسك قبل أن تتمكني من ترجِّيهِ طالبةً الرحمة !
ـ ولكني لا أريد أن أنحني !! قالت الحنطة .

* أغلقي أزهارك واحنِ أوراقك . قالت شجرة الصفصاف ..

 لا تنظري عاليًا تجاه البرق ، عندما تتفجّر الغيوم ، حتى البشر لا يجرؤ على ذلك ، إذ في البرق يمكن للمرء أن يرى سماء الله ، ولكن هذا النظر يمكن أن يعمي البشر ، يمكن أن يحدث لنا كل شيء ، نحن ننبت من الأرض ، هل نتجرأ على ذلك ! ونحن أكثر قماءة من البشر بكثير ؟

ـ (أكثر قماءة بكثير !؟)  قالت الحنطة السوداء ..
 سأنظر إلى سماء الله مباشرة !
 وقد فعلتْ ذلك بتعالٍ وغرور !!
 حينها كأن العالم بأجمعه شبّ لهبًا ..
 هكذا أبرقت السماء .
 وعندما مرّت العاصفة ؛ كانت الزهور والحبوب منتعشة بالمطر وسط الهواء ، الهادئ النقي ، أما الحنطة السوداء فقد تفحمت من البرق !
 كانت ميتة !
عشبة لا تنفع في الحقل .

وحرّكت شجرة الصفصاف أغصانها في الريح ، حينها سقطت قطرة ماء كبيرة ، من أوراقها الخضر وكأن الشجرة أخذت تبكي !

 فسألها العصفور : لم تبكين ؟ كل شيء مباركٌ هنا ، انظري إلى هذه الشمس المشرقة ، والغيوم الراحلة ، ألا تتنسّمين عطر الأزهار والشجيرات ، لماذا تبكين أيتها الشجرة العجوز؟

وحكت شجرة الصفصاف له قصة غرور الحنطة السوداء وتعاليها ، والعقاب الذي يأتي دومًا نتيجةً لذلك ..
 وأنا الذي أحكي هذه القصة قد سمعتها من العصفور ، لقد حكاها لي ذات مساء ، عندما رجوته أن يحكي لي حكاية خرافية .



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتبت في عام 1842م
من كتاب : قصص و حكايات خرافية
الكاتب :  هانس كريستيان أندرسن
ترجمة : دنى غالي ، ستي غاسمسون

معلومات عن الحنطة السوداء هنا




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق